يحلم كلُّ أبٍ وأم بأن يكونَ طفلُهما ذكيا نَجِيبًا، تَظهرُ عليه ملامحُ العبقريةِ والفطنة، ويُقبِلُ على دراستِه بجدٍ ونشاط، ويتساءلون عن كيفيةِ غرسِ بُذُورِ العبقريةِ في أطفالِهم، وجعلِهم أكثرَ ذكاءً وتَحفُّزًا للتعلم، ذلك ما سنتعرف عليه من خلال النقاط التالية:
أولا: غرسُ الثقةِ بالنفس:
أهمُّ عاملٍ من عواملِ زَرعِ بذُور العبقريةِ في طفلِك، هو أن تجعلَه يتحلى بالثقةِ في نفسِه، مؤمنًا بإمكاناتِه وقدراته، قادرًا على تحمُّلِ مسؤولياتِه، مما يجعله يُقبِلُ على تطويرِ نفسِه وتحسين مستوى دراستِه، لكونِه يَتعبِرُ أنَّ ذلك ممكنٌ بالنسبة له، وأنه من مسؤولياته.
ومن أجلِ أن تجعلَ طفلَك واثقا من نفسه، لا بد من أن تُظهر له أولا مدى ثقتِك فيه، وإيمانك بإمكاناته وقدراته، وأن تعمل على رفعِ توقعاتِه وتطلعاته؛ فثقتُك بأطفالك تجعلُهم واثقين من أنفسِهم، وثقتُهم بأنفسِهم تدفعُهم إلى الجدِّ والمثابَرَة.
ثانيا: تطوير مهارة التحدث لدى الأبناء:
تظهر ملامح النجابة والعبقرية عند الأطفال من خلال تحدثهم بطلاقة وأَرْيحِيَّة، مما يُشعر السامعين بأن هذا الطفلَ ذو ذكاءٍ وفطنة، ومن هنا تتجلى أهمية تطوير مهارة التحدث لدى طفلك، وذلك من خلال التحدث معه بشكل مستمر، ومناقشتكما مواضيع مختلفة حسب فهمه وقدرة استيعابه، وتركيزك على إعطائه فرصةً أوسع للحديث والتعبير عن أفكاره؛ لأن أهمَّ مفتاح في تعليم الأبناء مهارة الحديث، هي أن تكون مستمعا جيدا، تعرف متى تنصت، ومتى تسأل، وكيف تتفاعل مع كلامه وتعليقاته.
قد يعتبر البعض بأن الحديث مع أبنائهم والاستماع إلى حديثهم مضيعةٌ للوقت، ولكنه في الحقيقة أسلوب فعال لبناء شخصيةِ الطفل وترسيخ ثقته بنفسه، وتلقينه طرق النقاش والحوار، ومهارة التواصل مع الآخرين.
ثالثا: صَقْلُ مواهبِ طفلِك:
اعمل على اكتشافِ مواهب طفلِك وصَقْلِها وتطويرها، وذلك بملاحظتك للأشياء التي يُحبُّها ويميلُ إليها، ويَحْذُوه الشَّغفُ للقيامِ بها، فهذه هي الأشياءُ التي سينجحُ فيها طفلُك، ويَكون من خلالِها مبدعا، ولا تحاولْ فرضَ طموحاتك وأحلامك عليه، ثم تنتظرُ منه أن يكون مبدعا في شيء لم يخترْه ولا يُحبه.
ليس من الضروري أن يكون ابنُك نسخةً عنك، يُحبُّ قراءةَ الشعر أو مطالعةَ كتب التاريخ، فقد يكون محبا للأشياءِ العملية كالإصلاح والتركيب والابتكار، وإذا أَتَحْتَ له الفرصة ليقومَ بالأشياء التي يُحبُّها ويميل إليها، فإنك تساعدُه على أن يكون مبدعا وناجحا في حياته.
عليك أن تُدرك بأن تطويرَ مواهبِ طفلِك لا يَعتمد فقط على التركيز على مهارات محددة، كمهارة الحسابِ الذهني أو التمَرُّنِ على رياضة ما، بل ينبغي أن يَشمل ذلك مهاراتٍ مختلفة، ابتداءً من القيام بأعمالٍ منزليةٍ رَتِيبَة، كما يُفضَّلُ أن تُعرِّفَه على مجال عملك ووظيفتك، وأن تُخبرَه عن تفاصيل العمل وكيفية قيامك بمهامك، وإذا سنَحَت لك الظروف فلا تتردد في اصطحابه إلى مقر عملك ليكتشفَ ذلك بنفسِه، كما يُستَحبُّ أن تُطلعه على هواياتك؛ مثل المطالعةِ والكتابةِ والرسم، وأن يُشاهدَك أثناءَ قيامِك بها، لتساعدَه على اكتشاف مواهبَ ومهاراتٍ مختلفة، تُسهِمُ بمجموعها في صَقْلِ شخصيتِه.
رابعا: غرس ثقافة الاختيار عند الأبناء:
إن تنميةَ ثقافةِ الاختيارِ لدى الأبناء، تُسْهِمُ بشكلٍ كبير في صَقْلِ شخصيتهم وتنميةِ مهاراتهم، وجعلِهم أكثرَ قدرةً على اتخاذ القرارات، ما يزيد من ثقتِهم بأنفسهم، وهي أمورٌ تنعكس مع الوقتِ على مستوى إدراكِهم وقدراتِهم العقلية، وتجعلُهم أكثرَ ذكاءً وفطنة، وتزيد من حظوظ نجاحِهم في مختلفِ مجالاتِ الحياة.
يمكنك غرسُ ثقافةِ الاختيار عند طفلك بوسائلَ يسيرة، فعندما تَصحبُه إلى السوق مثلا، أشركْه في اختيار المنتجاتِ والبضائعِ التي تريد شراءَها، واسأله عن رأيه في نوعها وثمنها، وعندما تريدُ اخيار أي الطريقين تسلك نحوَ وجهتِك، أطلب منه أن يُحدد لك الطريق التي يراها أنسب، ولا تَغفَلْ عن طلب التعليل منه؛ لماذا هذا الاختيارُ وليس ذاك، ومن خلال طريقةِ تعليلِه لاختياراتِه ستعرفُ كيف يُفكر، وما هي الأولوياتُ بالنسبةِ له، كما ستُمكِّنُك هذه الطريقةُ من مساعدتِه في تطويرِ اختياراته مستقبلا.
خامسا: تلقين الطفل ثقافة ريادة الأعمال:
يمكن القولُ بأن ريادةَ الأعمالِ غَدَتْ ثقافةَ العصر، وإذا لم نلَقِّن أطفالَنا هذه الثقافة مع نُعومَةِ أظفارهم، فإنهم سيجدون صعوبةً في مواكَبةِ العصر وإثبات ذاتِهم في مجال ريادة الأعمال، ونحن عندما نتحدث عن تلقين الأطفال ثقافةَ ريادةِ الأعمال، فإننا نقصد بذلك ما يَتناسبُ مع سنِّهم ومستوى إدراكِهم وطاقتِهم الجسمية والنفسية.
يُمكنك تلقينُ ابنِك ثقافةَ ريادةِ الأعمال من خلال القيام بأمور يسيرة، مثل غرسِ شتلات في حديقة المنزل، أو تربية الطيور، أو إنجاز بعض الأعمال اليدوية، ومحاول بيعها ولو لأفراد الأسرة وزملاءِ الدراسة، فهذه الخطوات ستُعلِّمُه أهمَ مبادئ ريادة الأعمال، وستمكنُه من اكتسابِ خبرات تساعده على النجاح مستقبلا.
سادسا: تحفيزُ الأطفالِ ومدحُهم:
سبق لنا الحديث في النقطة الأولى عن الثقة بالنفس ودورِها في تنشئَةِ طفلٍ ذكي وناجح، ومن أهم الأمور التي تبني ثقة الطفل بنفسه المدحُ والتحفيز والتشجيع، أما أسلوبُ التأنيب والإحباط والمقارنة، فإنه يؤدي إلى هزيمةٍ نفسية وفُتورٍ في الهمة.
أَكِّد لطفلِك بأن الخطأَ لا يعني أنه فاشل، بل يعني أنه يَسيرُ على طريق التَّعلمِ واكتساب الخبرة والتجربة، وبَيِّن له بأن الذي لا يُخطئ هو الذي لا يفعل أيَّ شيء، حَفِّزْه ليبدأ من جديد، وذكِّرْه بأنّ طريقَ التميز طويل، يحتاج إلى صبر ومُثابَرةٍ وثبات.
ولا تغفل عن مَدْحِه أمام الآخرين، وذِكْرِ بعض الصفاتِ الإيجابية فيه، والتي تريد له أن يركِّز عليها ويُنمِّيها أكثَر، فتقول لهم مثلا وهو حاضرٌ معكم: ابني ذكي، يعشق التعلمَ والاستكشاف، وهو طيب وصادق، يحب الخيرَ للناس، ويُساعدُ أصدقاءَه ويحترم إخوته، ويعتمد على نفسِه في كلِّ شيء.
فمثل هذه التصرفات العادية، تقوي ثقةَ الطفل بنفسه، وتُطلعه على جوانبِ قوتِه وتميُّزه، وتجعل علاقَتَه بوالديْه وأسرتِه أكثرَ متانةً وترابطا، وكلُّ هذه العواملِ الذهنيةِ والنفسية، تساعدُ على تحسين المستوى الفكري لدى الأطفال، وتصنع منهم عباقرةً أذكياء.
سابعا: اللعب والمرح مع الأطفال:
يُعدُّ اللّعبُ من الحاجياتِ الأساسية لدى الأطفال من أجل نُموِّهم الجسمي والذهني، لذلك يجب على الآباء العنايةُ بهذا الجانب، وتخصيصُ وقتٍ كافٍ للَّعب مع الأطفال والمرحِ معهم، الأمرُ الذي ستكون له نتائجُ طيبةٌ على نفسيةِ الأطفال والوالدين؛ حيث تَتوطَّدُ العلاقات الأسريةُ أكثر، وتسود المودةُ والألفةُ بيتَ العائلة، كما سيؤدي ذلك إلى تطوير مهاراتٍ مختلفة عند الأطفال.
عليك أن تحرص على لعبِ أطفالِك ألعابًا ملموسةً وتشارُكيّة، والابتعادِ عن الألعاب الإلكترونية، فيمكنكم مثلًا لعبُ الكرة أو لعبةِ الاختباء، أو تركيبُ الألعابِ المفكَّكَة، وغيرها من الألعابِ الظريفةِ التي يُمكنُ لأفرادِ الأسرةِ المشاركةُ فيها.