إن استمرارَ العلاقةِ الزوجيةِ لا يعني بأنّ الزوجيْنِ على وفاقٍ ومودَّة، بل قد تكونُ العلاقةُ في بعضِ الحالاتِ تعاني فتورًا وبرودًا، وهو ما يُعرفُ عند المختصين بالصمتِ الزواجي، أو الطلاقِ الصّامت، وهي مشكلةٌ تُعاني منها الكثيرُ من الأسر.
يَنشغلُ بعضُ الرّجالِ بشؤُونِ العملِ وتوفيرِ دخلٍ للأسرة، وقضاءِ وقتِ الفراغِ مع الأصدقاء، والعودةِ إلى البيتِ في وقتٍ متأخر، من دون الاهتمامِ بالزوجةِ وحالتِها النفسيّة، واستمرارُ الوضعِ على هذه الحالةِ يُؤدِّي إلى تأزُّمِ العلاقةِ الزوجية، وغيابِ الدِّفءِ والمودّةِ عنها، على الرّغم من كونِهما يعيشانِ تحتَ سقْفٍ واحد.
من أسباب الصمتِ الزواجيِّ ومظاهِره:
تتعدَّدُ أسبابُ هذه الحالةِ من البرودِ والصَّمتِ الزواجي، ولكنْ يُمكنُ الاقتصارُ على ذكرِ أهمِّ أسبابِها، وهي:
- اختلافُ ثقافةِ الزوجين وخلفيَّتُهما الفكريَّة، مما يُولدُ تبايُنًا في الآراءِ وتضارُبًا في القراراتِ داخلَ الأسرية.
- وجودُ علاقاتٍ عاطفيَّةٍ خارجَ نِطاقِ الزوجيَّة، واكتفاءُ أحدِ الطَّرفيْن بالإشْباعِ العاطِفيِّ الذي تُحقِّقُه له تلك العلاقةُ، في مقابِلِ إهمالِ الزواج.
- الخيانةُ الزوجيَّة، وهي قضيةٌ قد تُنهي العلاقةَ الزَّوجيَّةَ بشكلٍ نهائي، ولكنَّ بعضَ النساءِ يُفضِّلنَ الاستمرارَ في العلاقةِ على الرّغم من عِلْمِهنَّ بخيانةِ أزواجهم؛ تفاديًا للفضائحِ، أو حرْصا على الأبناء.
ونتيجةً لهذه المشاكلِ والاختلالاتِ الأسريَّة، تَظهرُ بعضُ أعراضِ الصّمتِ الزّواجي، من قَبِيلِ نُفورِ الزوجِ من البيت، وتفضيلِه المكوثَ مع الأصدقاءِ أو غيرِهم أطولَ وقتٍ ممكن، ويَتبَعُ ذلك فتورٌ في العلاقةِ الحمِيميَّةِ، وعدمِ وجودِ اتصالٍ جسديٍّ بين الزوجين مدةَ أسابيعَ أو أشْهُر، بالإضافةِ إلى كثْرةِ الشِّجارِ والخصوماتِ بين الزوجين، وإهمالِ الأبناء، وترْكِهم عُرْضةً لاكتسابِ سلوكاتٍ خاطئة، مثلَ الكذبِ والسرقةِ والخَجل، وغيرِها من الآفاتِ الأخلاقية.
سُبُلُ الوقايةِ من الصمت الزواجي وعلاجِه:
بعد استطْرادِنا في الحديثِ عن أسبابِ الصّمتِ الزواجي ومظاهرِه، وصلنا إلى النقطَة الأهم، وهي معرفةُ سُبُلِ الوقايةِ من هذه الحالةِ غير السليمة، وكيفيةِ تجاوزِها وعلاجِها، وأفضلُ وسيلةٍ لذلك هي الحوار والمناقشة، وكسرُ حاجزِ الصمت.
مهما كانت المشاكلُ التي تعْتَرِي الحياةَ الزوجية، فيُمكنُ تجاوُزُها بالحديثِ والحوار، وعقْدِ جلساتٍ للنّقاشِ والفضْفَضَة، وتفريغِ المشاعر السلبيةِ من خلالِ الإفصاحِ عنها، ويُفضَّلُ أن تشْتَبِك أيْدِي الزّوجيْن، أو يحتَضِنا بعضَهما قليلا، حتى تَسودَ الأُلْفَة، وتطغَى على الجلسةِ طاقةٌ إيجابية.
ومن أجلِ نجاح هذه الجلسات، لا بد من المصارحة، وتَبَنِّي ثقافةِ الاعتذار، وعدَمِ التَّعَنُّتِ والتَّعصُّبِ للموفقِ الشخصي، فلا تخجل من أن تقولَ لزوجتِك: “أعتذر حبيبتي، لقد أخطأتُ في حقك”، وأنتَ تأخُذُ يدَها بين يديك، وسترى بأن أغلبَ المشاعرِ السّلبيةِ بدأت في الاندثار، وأن المياه تعودُ إلى مجْراها الطبيعي، فتسودُ الألفَة، ويَسْرِي الدِّفْءُ في العلاقةِ الزوجيةِ من جديد.